هو الإمام الحجة الفقيه الأصولي المحدث سيدي أبو الفضل عبد الله بن محمد بن الصديق بن أحمد بن قاسم الغماري الحسني الإدريسي الطنجي.
ولد بمدينة طنجة سنة 1328هـ/ 1910م، وينتسب إلى أسرة بن الصديق العالمة الشريفة، وهي أسرة إدريسية النسب.
تلقى تعليمه الأولي بالزاوية الصديقية على الفقيهين محمد البراق الانجري، ومحمد الأندلسي المصوري، وأخذ العلوم الشرعية واللغوية عن شقيقه أحمد، وعن خاله أحمد بن عجيبة، ثم رحل سنة 1343هـ/1924م إلى فاس لاستكمال دراسته ، فالتحق بجامع القرويين، وأخذ عن شيوخه، كالشيخ أحمد القادري، وشيخ الجماعة عبد الله الفضيلي، والشيخ الحسين العراقي، وغيرهم، ومن العلوم التي درسها بالقرويين: علوم العربية والفقه المالكي وعلم الفرائض والتوحيد والمنطق، ثم رجع إلى طنجة سنة 1346هـ/1927م، فدرس على والده الشيخ محمد بن الصديق النحو والبلاغة والفقه المالكي، ثم التحق بمصر فدرس بالجامع الأزهر سنة 1349هـ/1930م، وأخذ عن عدد كبير من العلماء، من أمثال الشيخ محمد حسنين مخلوف، والشيخ محمد بخيت المطيعي، وغيرهم، وحصل على إجازات عدد كبير من العلماء، كما حصل على شهادة العالمية للغرباء سنة 1352هـ/ 1933م، وعلى الشهادة العالمية الأزهرية سنة1361هـ/1942م، وتعددت نشاطاته العلمية بمصر، إلى أن رجع إلى المغرب عام 1390هـ/1970م.
عمل الشيخ مدرساً للعلوم الشرعية بالجامع الأزهر بصفة تطوعية، وعينته وزارة الأوقاف المصرية مفتشاً للدروس التي تلقى في الصحيحين بمساجدها، وبعد عودته من مصر استقر بمدينة طنجة خطيباً بالزاوية الصديقية، ومدرساً للعلوم الشرعية بها، وأخذ عنه العدد الجم من طلبة العلم، ولم يبق قطر إسلامي إلا وله فيه تلامذة.
كان رحمه الله عالماً قلّ أن يضاهى في العلوم الشرعية، واللغوية، والمنطق، محيطاً بدقائقها، ومستحضراً للنصوص وأقوال العلماء، وحججهم في المسائل المختلفة، مع سَعة الاطلاع على أدلة المذاهب الفقهية الإسلامية والعقائدية، وكان يتمتع بذاكرة قوية وسرعة في البديهة، وقد وصل في علم الحديث بالخصوص، إلى درجة عالية، حتى اعتبر حافظ العصر، إذ كان يستظهر أكثر من عشرة آلاف حديث بأسانيدها، ومعرفة رجالها.
وكانت له رحمه الله جهود مشكورة في الدعوة إلى الله تعالى داخل المغرب وخارجه، ومن ذلك زيارته للمسلمين السمر بأمريكا، وتأثيره البالغ فيهم، حتى إنه بعد مقابلته للملاكم العالمي محمد علي كلاي، نقلت مجلة فيكارو عن هذا الأخير قوله: أتمنى أن تكون لي روح مثل روح الشيخ عبد الله بن الصديق.
بلغت تآليفه رحمه الله المائة عنوان، منها: بدع التفاسير، وجواهر البيان في تناسب القرآن، وتمام المنة ببيان الخصال الموجبة للجنة، وشرح الأجرومية الذي اعتبر أوسع شرح لها، وغيرها، وحقق الكثير من النصوص التراثية منها المقاصد الحسنة للسخاوي، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم لأبي الشيخ الأصبهاني، وتنزيه الشريعة لابن عراق.
أخذ الطريق عن والده الشيخ الإمام أبى عبد الله محمد بن الصِّدِّيق بن أحمد بن عبد المؤمن الغُماري الشريف الحسني.
توفى رحمه الله بطنجة سنة 1413هـ/1993م، ودفن بالزاوية الصديقية.